في عالم يتحرك بسرعة جنونية، نُقاس فيه بالإنجازات، ونُحاصَر بالتحديثات المستمرة، أصبح البطء وكأنه عيب أو تأخر. لكن، هل السرعة دائمًا إنجاز؟ وهل التباطؤ دائمًا فشل؟ أم أن في التمهّل حكمة لا نراها حين نُسرع؟

البطء لا يعني الكسل، بل هو وعي. هو أن تعيش اللحظة بدلًا من الركض فوقها. هو أن تُنصت لما يجري داخلك، لا لما يفرضه الخارج. في البطء نلتفت إلى التفاصيل، ونُقدّر النِعم الصغيرة، ونشعر بالحياة بدلًا من أن نُسرع لعبورها.

كثير من القرارات المصيرية في حياتنا لم تُتخذ أثناء الركض، بل في لحظة صمت، أو بعد جلسة تأمل، أو خلال حديث هادئ مع النفس. التباطؤ يفتح المجال للفهم، للحكمة، للسلام.

مجتمعاتنا تحتاج إلى ثقافة “التمهّل الواعي”. أن نتعلم أن نأخذ استراحات بلا ذنب. أن نتوقّف عندما نشعر بالتعب. أن نراجع قبل أن نستمر. فالتقدم الحقيقي لا يُقاس بالسرعة فقط، بل بالاتجاه أيضًا.

أحيانًا، أجمل ما يمكن أن تفعله لنفسك… أن تتوقف. أن تُبطئ. أن تسمح للعالم بأن يمضي قليلًا دونك، حتى تعود إليه أقوى، أوضح، وأصدق.